أعلنت شركة “ستاربكس” الأميركية، إحدى أكبر سلاسل المقاهي في العالم، عن انخفاض مبيعاتها العالمية بنسبة 2% خلال الربع الثالث من سنتها المالية لعام 2025، الممتد من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران، في ظل ضغوط اقتصادية متصاعدة وتأثيرات سياسية متداخلة بعد أحداث السابع من أكتوبر، وذالك بسبب الحملات المقاطعة المستمرة احتجاجًا على موقف الشركة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ودعمه الكامل للاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت ستاربكس في تقريرها المالي الصادر حديثًا أن مبيعات المتاجر القابلة للمقارنة على المستوى العالمي شهدت تراجعًا بنسبة 2%، وهو الانخفاض السادس على التوالي في هذا المؤشر الحيوي، مشيرة إلى أن الأسواق الأمريكية، وتحديدًا في أمريكا الشمالية والولايات المتحدة، سجّلت انخفاضًا مماثلًا بنسبة 2%.
في المقابل، حافظت الأسواق الدولية خارج الولايات المتحدة على استقرار نسبي، حيث لم تُسجّل تراجعات حادة، بل سجّلت الصين وهي ثاني أكبر سوق لستاربكس ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 2% في المبيعات، ما ساهم جزئيًا في تخفيف حدة التراجع الكلي.
ورغم تراجع حجم المبيعات، سجّلت الشركة نموًا محدودًا في إيراداتها بنسبة 3.8%، حيث وصلت إلى 9.5 مليار دولار، مقارنةً بـ 9.1 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي، في إشارة إلى قدرة ستاربكس على الحفاظ على مستوى معين من الدخل الإجمالي من خلال رفع الأسعار أو توسيع نشاطها في قطاعات أخرى.
لكن المفارقة الكبرى تمثّلت في تراجع صافي أرباح الشركة بنسبة حادة بلغت 47.1%، لتستقر عند 558.3 مليون دولار فقط، وهو ما شكّل صدمة في أوساط المستثمرين، خاصةً أن الربح لكل سهم تراجع بنسبة 47.3% ليستقر عند 49 سنتًا، مقارنةً بـ 93 سنتًا في الربع ذاته من 2024.
ويرى محللون اقتصاديون أن النتائج المالية الأخيرة تعكس تراجع ثقة المستهلكين في بعض الأسواق العالمية، وتحديدًا في الدول التي شهدت احتجاجات واسعة ومقاطعة لمنتجات الشركة بسبب الضامنه الكامل مع الإحتلال، على خلفية ما اعتُبر “انحيازًا” من قبل إدارة ستاربكس لصالح إسرائيل، أو عدم إدانتها للعدوان المستمر على قطاع غزة. وكانت مقار الشركة قد واجهت في الأشهر الماضية موجات غضب واسعة ومقاطعة طالت معظم فروعها فل العالم، ترافقت مع دعوات مفتوحة لمقاطعة فروعها في دول عربية وإسلامية وعدد من الدول الغربية.
وبينما حاولت إدارة ستاربكس مرارًا وتكراراً التوضيح أن مواقفها حيادية، وأنها لا تتبنّى أي توجه سياسي، إلا أن الحملة المضادة لا تزال مستمرة، خاصةً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتصاعد دعوات “عدم الشراء” وتروّج لمشروبات بديلة من شركات محلية أو منافسة.
ويأتي هذا الأداء الضعيف وسط محاولات حثيثة من الشركة لإعادة تنظيم استراتيجيتها التوسعية، والبحث عن أسواق بديلة لتعويض الخسائر، وسط توقعات بأن تُعيد تقييم عملياتها في بعض الدول، وتقلّص من فروعها في مناطق تراجعت فيها الحصة السوقية بشكل كبير بسبب الأوضاع السياسية أو الاجتماعية.
ويرى مراقبون أن التحديات التي تواجهها ستاربكس لا تقتصر على الحملات الاحتجاجية فقط، بل تتعداها إلى منافسة شرسة من علامات تجارية جديدة ومحلية في عدد من الأسواق، إلى جانب تغير أنماط الاستهلاك، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم في بعض الدول.
ويبقى مستقبل الشركة في النصف الثاني من عام 2025 مرتبطًا بقدرتها على احتواء الأزمة، سواء من خلال تحسين صورتها أمام المستهلكين المتأثرين بالحرب، أو عبر مراجعة سياساتها التجارية والإعلانية لتخفيف حدة الانتقادات المتصاعدة عالميًا.
التسميات
أخبارنا