U3F1ZWV6ZTQ3NzEwMTg5NDc3MzQ2X0ZyZWUzMDA5OTcxMzA2MzU1Ng==

أكاديمي تركي يحذر من فقدان الهوية والذاكرة بسبب استبعاد الكلمات العربية والفارسية من اللغة التركية

حذر الأستاذ الدكتور عمر توركار، الأكاديمي التركي البارز، من المخاطر الثقافية والفكرية التي تهدد اللغة التركية وهويتها، نتيجة محاولات استبعاد الكلمات العربية والفارسية من مفرداتها. وأوضح توركار أن هذه السياسة بدأت ملامحها في أواخر العهد العثماني، لكنها تحولت في عهد الجمهورية إلى مشروع رسمي لإعادة تشكيل اللغة وفرض نموذج لغوي جديد على المجتمع التركي.

وأشار الأكاديمي في مقال نشرته صحيفة “Yeni Şafak” إلى أن هذه المحاولات تعني عمليًا قطع اللغة عن ماضيها وإفقارها من ثرائها التاريخي والأدبي. وأضاف أن اللغة التركية، التي كانت في القرنين السابع عشر والثامن عشر من أكثر لغات العالم تطورًا، فقدت جزءًا كبيرًا من قدرتها التعبيرية ومواكبتها للتطورات الفكرية والعلمية، مما أثر سلبًا على إنتاجية الكتابة والقراءة ومحتوى المناهج التعليمية.

وأكد توركار أن أخطر نتائج هذه السياسات هي الانقطاع بين الأجيال، حيث لم يعد طلاب المدارس والجامعات قادرين على قراءة وفهم نصوص كُتبت حتى منتصف القرن العشرين، ما ساهم في تفاقم أزمة الهوية والذاكرة الثقافية لدى الأجيال الجديدة. وأضاف أن قضية اللغة ليست مجرد صراع أيديولوجي بين التيارات الفكرية المختلفة، بل هي “مسألة وجودية تمس الأمة بأسرها” وتتعلق بالحفاظ على إرثها الثقافي والحضاري.

ودعا الأكاديمي التركي إلى ضرورة إعادة إحياء تعليم التركية العثمانية بمفرداتها وأبجديتها، ودمج التراث اللغوي في المناهج الدراسية، مع التركيز على تعليم الطلاب تاريخ اللغة التركية وتطورها عبر القرون. وأكد أن إدماج التراث اللغوي سيعيد للغة قوتها التعبيرية ويعزز الهوية الثقافية للأجيال القادمة.

ويأتي تحذير "توركار" في وقت تشهد فيه تركيا انتشار ظاهرة معاداة اللغة العربية بشكل غير معتاد، مع محاربة بعض بلديات المعارضة للافتات المحال التجارية المكتوبة باللغة العربية، ما يزيد المخاطر على التنوع الثقافي ويهدد الذاكرة التاريخية للمجتمع.

ويذكر شهدت بعض المدن التركية، خاصة تلك التي تكثر فيها الجاليات السورية، محاولات من قبل بعض البلديات لإزالة أو تغريم المحال التجارية التي تستخدم اللافتات المكتوبة باللغة العربية. وقد شملت الإجراءات حظر استخدام الخط العربي في الإعلانات التجارية أو إلزام أصحاب المحال بتغيير لافتاتهم لتكون بالتركية فقط، بحجة توحيد اللغة في القضاء العام والحفاظ على الهوية الوطنية، ما أثار استياء واسعاً بين السوريين وأثار مخاوفهم من فقدان مساحة للتعبير عن هويتهم اللغوية والثقافية.

كما شملت هذه السياسات حملات تفتيشية على الأسواق والمراكز التجارية، وإصدار مخالفات مالية لأصحاب المحال الذين يصرون على الاحتفاظ بالكتابة بالعربية، مما دفع البعض إلى إزالة اللافتات أو تعديلها خوفاً من العقوبات. وقد اعتبر الكثير من السوريين هذه الإجراءات بمثابة تقييد لحقوقهم الثقافية ومحاولة لإقصاء لغتهم من القضاء العام، ما يزيد من شعورهم بالغربة والتهميش داخل المجتمع التركي.

ويختتم الأكاديمي حديثه بالتأكيد على أن حماية اللغة والتراث اللغوي ليست خيارًا، بل ضرورة لضمان الحفاظ على الهوية الوطنية ومواجهة محاولات التهميش الثقافي التي قد تضعف قدرة المجتمع على التواصل مع تاريخه وحضارته.

المصدر: Yeni Şafak

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة